المركز الإعلامي

نظمت اللجنة القطرية لتحالف الحضارات الندوة الثقافية الأولى لعام 2022 بعنوان " المواطنة وحوار الحضارات في مجتمع متعدد الثقافات

27 فبراير 2022

ندوة:

المواطنة وحوار الحضارات في مجتمع متعدد الثقافات

نظمت اللجنة القطرية لتحالف الحضارات يوم الاحد الموافق 27 فبراير 2022 الندوة الثقافية الأولى لعام 2022 بعنوان " المواطنة وحوار الحضارات في مجتمع متعدد الثقافات" قدمها البروفيسور قصي عبد الكريم التركي أستاذ الآثار والحضارات القديمة بكلية لانكفورد بأستراليا، وأشار في مقدمة محاضرته إلى أن يُعد موضوع المواطنة وحوار الحضارات من المواضيع الحديثة من حيث التطبيق والفاعلية في الشخصية الشرقية بشكل عام والشخصية العربية بشكل خاص، بيد ان دراسات عديدة ناقشت هذا الموضوع بإسهاب في مجتمعات اوربية وشرق أوسطية أخرى. وعليه فإننا سنحاول من خلال الدراسة توضيح موضوع "المواطنة وحوار الحضارات في مجتمع متعدد الثقافات"، ومنهجية المحاضرة تحتم علينا ان نأخذ نموذج لمجتمع بعينى بيد انه من الممكن القياس على النموذج المطروح بالنسبة لاي بلد متعدد الثقافات سواء من حيث طبيعة المجتمع او الوافدين اليه او المندمجين معه رغم اختلاف الجذور والاصول الحضارية والثقافية. وركز المحاضر على المحاور التالية:

مفهوم المواطنة:

 أشار  إلى تتعدّد مفاهيم المواطنة، إلاّ أنّ المفهوم المرتبط بالانتماء يبقى هو المعنى الأساسيّ للمواطنة، فهناك انتماء للوطن وانتماء للموطن الّذي يعيش فيه الإنسان وانتماء ثالث للأمّة، وبالتالي فإنّ الانتماء الأساسيّ والأكثر شموليّة هو انتماء الإنسان إلى بقعة معيّنة من الأرض، أي: استقرار الإنسان بشكل ثابت داخل دولة يكون مشاركاً في حكمها خاضعاً لقوانينها، ضمن تراب محدّد جغرافيّاً، ينصهر عليه المواطنون كافّة بكلّ أديانهم ومذاهبهم ومللهم وجذورهم العرقيّة، وتنازلهم عن أيّة خصوصيّة تتعارض مع الأهداف السامية للمواطنة التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن.

أسس المواطنة في مجتمع متعدد الثقافات لحوار حضارات دائم:

أوضح المحاضر إلى أن الأهميّة للمواطنة تعطى بموجب مجموعة من الأسس الّتي تتوفّر في الدولة ذات ذات مجتمع متعدد الثقافات، وعلى المواطن ان يفهمها جيدا، والتي على أساسها يتحقق الاندماج والشعور بالانتماء، ويمكن أن نوجز هذه الأسس حسب الثالوث الآتي:

1- سيادة القانون:

مفهوم السيادة في اللغة العربيّة مشتقّ من فعل ساد يسود، أي: من يمتلك المكانة الأرفع والسلطة الأعلى، ثمّ ما لبث هذا المفهوم للسيادة أن اندرج تحت إطار مسمّيات القوميّة والمواطنيّة، بل اصبحت السيادة بحد ذاتها تعبّر عن الأمّة.

وبسيادة القانون، لا شيء يعلوا فوق سلطة القانون الذي يعد الحكم الفصل بين مكونات المجتمع وان اختلفت مناصبهم ووظائفهم أو قومياتهم وأديانهم.

2 - الحريّة والأمان والتضامن:

خاصيّات أساسيّة ثلاثة بدونهم لا يكون للمواطنة أيّ معنى على أرض الواقع. وفي هذا الصدد نجد العديد من المختصّين يرتكزون على كون فكرة المواطنة يجب أن تظهر قبل كلّ شيء "كتحالف وتضامن بين أناس أحرار. وهذا الامر مرتبط بشكل او باخر بالحوار الحضاري

ولعل الحرية والأمان والتضامن الذي تشهده  دولة قطر هو الشاهد الأكبر على تزايد عدد السكان الراغبين في الاستقرار أو العمل فيها، إضافة إلى تنامي المستوى المعيشي وتزايد فرص الاستثمار من قبل شركات عالمية، لانها لمست كل جوانب ذلك الأمان والتضامن في اي مرفق من مرافق الحياة في قطر.

3- التعدّد الثقافي والفكري:

الاعتراف بوجود التنوع والقبول المتبادل بأهمية الحوار والتضامن بين المختلفين من أجل ضمان المساواة في الحقوق والواجبات وتكافؤ الفرص بخصوص المشاركة في حسم القضايا الوطنيّة والدوليّة ذات الاهتمام المشترك ومناقشتها ومعالجتها، يعدّ من أنجح السبل لمكافحة التعصّب والتطرّف، لأنّ من أهم أبعاد المواطنة التضامنيّة بالنسبة لأي مجتمع ناجح هي تنازل المواطنين عن أنانيّتهم ووضع المصلحة العامّة قبل أي اعتبار، حفاظاً على الوطن في حالة مجابهته لكوارث ومشاكل داخليّة وخارجيّة.

ولعلّ التعدّد الفكري والثقافيّ في قطر منذ تشكل أولى الحكومات الوطنية قد فاق ذلك التعدد الفكري والثقافي والسياسي الّذي ساد في المنطقة فظهرت قواسم مشتركة بين التيارات الفكريّة الّتي تنشد التغيير فكان ذلك ان نجحت قطر ودائرتها الحضاريّة بتحقيق ما تصبو إليه الإنسانيّة اليوم من إقرار لمبدأ المواطنة دون تمييز.

انموذج للمواطنة وحوار الحضارات في مجتمع متعدد الثقافات (العراقييون في استراليا)

  أشار المحاضر إلى أن الديمقراطيّة في استراليا استوت وتشكّلت فيها المواطنة بمبادئها وقيمها الإنسانية، من خلال حوار حضاري في مجتمع متعدد الثقافات، أمّا البلدان الّتي لم تُتَحْ فيها للمواطنين فرصة الاختيار وواصل مواطنوها فقدانهم للحقّ في السيادة، فإنّها بلدان يغيب عن سلطتها مبدأ المواطنة رغم تعدد الاعراق والثقافات والتي من المفترض ان تكون دعائم لبناء حضاري متجدد.

أصبح الفرد الاسترالي بانتمائه للوطن وإحساسه بمواطنيّته يعتبر الدولة دولته ممّا جعله يطالب الدولة بالاعتراف بحقوقه على الرغم من ان 90% من المجتمع الاىسترالي في اصولهم من خارج استراليا.

وهذا ما نلمسه منذ تكون حكومات استراليا المتعاقبة، حيث لا شيء يعلوا فوق سلطة وقوة القانون الذي يعد السمة الغالبة والحكم الفصل بين مكونات المجتمع وأفراده وان اختلفت مناصبهم ووظائفهم أو قومياتهم وأديانهم واعراقهم واصولهم.

 مفهوم الاندماج الاجتماعي والحضاري في مجتمع متعدد الثقافات:

  وختم البروفيسور المحاضرة قائلا يتصور الكثير ان الانتقال الى مجتمع او بلد اخر يعني انسلاخهم من هويتهم الوطنية وتاريخهم وارتباطهم في البلد الام، بينما المفهوم الحقيقي والعلمي والذي من المفترض ان يتعرف عليه المغترب سواء العراقي وغير العراقي في استراليا والراغب في الاندماج بالمجتمع الأسترالي ليصبح فردا ومواطنا استراليا هو:

أهمية معرفة الفرد ان الاندماج الاجتماعي والحضاري والثقافي من اجل فهم التلاقح الحضاري بشكل خاص عبارة عن انتقال افراد من مجتمع ما الى مجتمع اخر والعيش في ثقافة جديدة بما فيها من نمط حياة جديد وشكل اخر للتنظيمات الاجتماعية والتربية والاديان والعادات والقيم ...الخ، علما وان القيم واحدة لكن التعبير عنها يختلف من مجتمع لآخر ومن ثقافة لأخرى.

 وبذات الوقت فإن هذا لا يعني ان الفرد سيتخلى عن ثقافته كلياً فيمكنه المحافظة على ثقافته او اجزاء منها بذات الوقت الذي سيكتسب به عناصر ثقافية جديدة، تساعده في بناء مستقبله وتطوير حياته نحو الافضل.

   وفي نهاية الندوة قام المحاضر بالرد على المدخلات والتساؤلات التي أشار إليها المشاركون في الندوة الثقافية

 

نظمت اللجنة القطرية لتحالف الحضارات الندوة الثقافية الأولى لعام 2022 بعنوان " المواطنة وحوار الحضارات في مجتمع متعدد الثقافات