يعد موضوع تحالف الحضارات أحد الموضوعات المهمة التي حظيت باهتمام كبير من الدول والمؤسسات والهيئات الدولية، حيث تم تأسيس أمانة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات عام 2007 م، وهي تعمل بالتعاون مع الدول والمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية، ومؤسسات المجتمع المدني، وقطاع الأعمال على حشد الجهود الموحدة بهدف تعزيز العلاقات الثقافية المشتركة بين الأمم والمجتمعات المختلفة.
ومن أجل تحقيق أهداف تحالف الحضارات، قامت أمانة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات بوضع خطة التنفيذ الأولى للفترة ) 2007 - 2009 م( والتي أكدت على ضرورة وضع خطط وطنية لتعزيز تحالف الحضارات، وخطة التنفيذ الثانية ) 2009 - 2011 م( التي ركزت على تحديد أولويات الأهداف التي ينبغي تحقيقها وتوفير إطار للعمل مع مجموعة واسعة من الشركاء وأصحاب المصلحة.
وفي دولة قطر كان الاهتمام بموضوع تحالف الحضارات كبيرا، وتجسد في رؤية قطر الوطنية 2030 التي أكدت على "رعاية ودعم حوار الحضارات والتعايش بين الأديان والثقافات المختلفة"، وكذلك في تأسيس اللجنة القطرية لتحالف الحضارات عام 2010 م التي تضم ممثلين عن و زارات وأجهزة الدولة المعنية بمجالات تحالف الحضارات الأربعة )التعليم، الشباب، الهجرة، الإعلام(، والتي أنشئت للإشراف على تطوير خطة عمل دولة قطر لتحالف الحضارات، ومتابعة مساهمات الدولة في هذا الشأن والإشراف على مشاريعها لتحالف الحضارات القائمة والمقترحة.
كما قامت الدولة باستضافة العديد من الفعاليات العالمية المعنية بتحالف الحضارات كالمنتدى التمهيدي لحوار الحضارات لمنظمات المجتمع المدني الذي عقد في مايو 2011 م، وكذلك منتدى الأمم المتحدة الرابع لتحالف الحضارات في ديسمبر 2011 م، والذي شارك فيه أكثر من ( 2500 ( شخصية من ) 130 ( بلدا ، فضلا عن استضافة برنامج الزمالة الدولية لتحالف الحضارات الذي ضم مجموعة من القادة الشباب في أوروبا وأمريكا أعوام 2010 و 2011 و 2013 م.
وتسعى دولة قطر من خلال تحالف الحضارات إلى التخفيف من حدة التوترات بين أتباع الديانات والثقافات، وذلك باعتماد خطة تقوم على دمج قضايا تحالف الحضارات في مناهجها التعليمية وتكثيف اللقاءات بين ممثلي الأديان والنخب الفكرية والشباب، بالإضافة إلى الدور الفعال لوسائل الإعلام القطرية في محاولة لتصحيح الصور النمطية للشعوب والحضارات.
وتجدر الإشارة هنا إلى تجربة قطر الفريدة في هذا السياق إذ تستضيف دولة قطر أكثر من مليون و 600 ألف نسمة من دول وخلفيات دينية وثقافية وحضارية مختلفة، كثير منها ينتمي إلى خلفية دينية وثقافية تختلف عن ثقافة البلد الذي يعيش فيه الجميع في وئام وانسجام من دون أن يفقد أحد من هؤلاء الوافدين هويته وخصوصياته الثقافية.
وفي سياق استمرار اهتمام دولة قطر بموضوع تحالف الحضارات، قامت اللجنة القطرية لتحالف الحضارات بوضع خطة عمل دولة قطر لتحالف الحضارات عام 2010 م، كما قامت اللجنة بتحديث هذه الخطة في ضوء خطة منظمة التعاون الإسلامي لتحالف الحضارات، وكذلك توصيات المنتديات الدولية الخاصة بتحالف الحضارات.
تشتمل خطة دولة قطر لتحالف الحضارات على عدة فصول، يتناول الفصل الأول منها المنطلقات الأساسية للخطة والمستمدة من توجيهات القيادة السياسية، ومن الدستور الدائم لد ولة قطر، ورؤية قطر الوطنية 2030 م، واست ا رتيجية التنمية الوطنية 2011 - 2016 م، وخطة منظمة التعاون الإسلامي لتحالف الحضارات. بينما جاء الفصل الثاني ليستعرض أهداف تحالف الحضارات في مجالاته الأربعة )التعليم، الشباب الهجرة، والإعلام(. أما الفصل الثالث فقد تناول رصدا لأهم المبادرات القطرية لتحالف الحضارات، في حين اشتمل الفصل الرابع على إطار خطة دولة قطر لتحالف الحضارات وبيان التوقيتات الزمنية للبرامج والأنشطة التي تتضمنها الخطة.
واذ نضع بين يدي المؤسسات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني هذه الخطة، فإننا نأمل أن يشارك الجميع في دعمها وتطبيق برامجها، والالتزام بالمسؤولية في تحقيق آمال القطريين في المحافظة على الدور الريادي لدولة قطر في تعزيز تحالف الحضارات ثقافة وممارسة، وتوفير أفضل السبل لبناء حوار إنساني حقيقي وفق لما دعا إليه ديننا الحنيف وقيمنا العربية الأصيلة.